السبت، 20 يونيو 2015

باب الإيمان ما هو وبيان خصاله

كتاب الإيمان

باب الإيمان ما هو وبيان خصاله

عن أبي هُرَيْرَةَ قال: كان النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بارزًا يومًا للناسِ
فأَتاه رجلٌ، فقال:
( ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمنَ بالله وملائكتِهِ وبلقائِهِ وبرسلِهِ وتؤمَن بالبعثِ،
قال: ما الإسلامُ؟ قال: الإسلامُ أن تعبدَ اللهَ ولا تشركَ به، وتقيمَ الصلاةَ، وتؤدِّيَ الزكاةَ المفروضةَ، وتصومَ رمضانَ،
قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبدَ الله كأنك تراهُ، فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك،
قال: متى الساعةُ؟ قال: ما المسئولُ عنها بأَعْلَم مِنَ السائل، وسأُخبرُكَ عن أشراطِها؛ إِذا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا، وَإِذا تطاولَ رُعاةُ الإبِلِ البَهْمُ في البنيان، في خمسٍ لا يعلمهنَّ إِلاَّ الله،
ثم تلا النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ الله عنده علم الساعة" الآية: ثم أدبر فقال: "رُدُّوه"، فلم يَرَوْا شيئاً، فقال: "هذا جبريل جاءَ يُعَلِّمُ الناسَ دينَهم". )

التعريف بالراوي:
عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليمانين، أبو هريرة،
سيد الحفاظ الأثبات،
حمل عن النبي (صلى الله عليه وسلم) علماً كثيرًا طيباً مباركاً فيه لم يلحق في كثرته وعن وأبي بكر، وعمر، وأسامة، وعائشة، وغيرهم، وحمل عنه خلق كثير.
وهو أشهر من سكن الصفة واستوطنها طول عمر النبي (صلى الله عليه وسلم).
أسلم في العام السابع للهجرة.
تُوفي بالمدينة في عام سبعة وخمسين، ودُفن بالبقيع، وعمره ثمانية وسبعين عاماً.

سبب ورود الحديث:

كان سبب هذا النزول من جبريل (عليه السلام)
أن الصحابة تشوقوا لرجلٍ عاقل يسأل الرسول (صلى الله عليه وسلم)
وهم يستمعون ليستفيدوا من الإجابة؛
لأن الناس في عهده (صلى الله عليه وسلم) أمروا بالتقليل من الأسئلة،
حيث إن الله سبحانه وتعالى منع الصحابة أن يسألوا الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛
لأن الوقت وقت تشريع،
فكلما سألوا عن شيء أحرامٌ ذاك؟
يمكن أن يقول: حرام؛
لأن وقت التشريع ووقت النزول ليس من المصلحة فيه كثرة الأسئلة،
حتى لا تقع الأمة فيما وقع فيه بنو إسرائيل،
لذا قال النبي (صلى الله عليه وسلم)
في نهاية الحديث: "هذا جبريل جاء ليعلمكم دينكم".

مناسبة الحديث:
يشتمل الحديث على معنى الإيمان
–أحد مراتب الدين
- وبعض خصالة، لذا صدر به كتاب الإيمان.

منزلة الحديث:
هذا الحديث قد اشتمل على شرح جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة،
من عقود الإيمان وأعمال الجوارح وإخلاص السرائر والتحفظ من آفات الأعمال،
حتى إنَّ علومَ الشريعة كلَّها راجعةٌ إليه ومتشعِّبةٌ منه.

قال النووي:
واعلم أنَّ هذا الحديث يجمع أنواعاً من العلوم والمعارف والآداب واللطائف،
بل هو أصل الإسلام.

قال القرطبي:
"هذا الحديث يصلح أن يُقال له أم السنَّة؛ لِمَا تضمَّنه من جُمل علم السنَّة.

وقال ابن دقيق: "فهو كالأمِّ للسنَّة، كما سُمِّيت الفاتحة أم القرآن؛ لِمَا تضمَّنته من جمعها معاني القرآن".

قال ابن رجب: "وهو حديث عظيم يشتمل على شرح الدِّين كلِّه،
ولهذا قال النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم)
في آخره: "هذا جبريل أتاكم يعلِّمكم دينكم"،
بعد أن شرح درجة الإسلام ودرجة الإيمان ودرجة الإحسان، فجعل ذلك كلَّه ديناً".

معاني المفردات:
قوله: "كان النبي (صلى الله عليه و سلم) بارزًا يومًا للناس":
أي ظاهرًا لهم غير محتجب عنهم ولا ملتبس بغيره، والبروز الظهور.

قوله: "فأتاه رجل": أي ملك في صورة رجل.

قوله: "ما الإيمان؟":
قيل قدم السؤال عن الإيمان لأنه الأصل وذكر الإسلام بعده لأنه يظهر صدق الدعوى، وختم بالإحسان لأنه متعلق بهما.

قوله: "قال: الإيمان أن تؤمن بالله الخ": دل الجواب أنه علم أنه سأله عن متعلقات الإيمان لا عن معنى لفظه وإلا لكان الجواب الإيمان التصديق.

قوله: "وملائكته": الإيمان بالملائكة هو التصديق بوجودهم وأنهم كما وصفهم الله تعالى: (عباد مكرمون).

قوله: "وتقيم الصلاة": المفروضة.

قوله: "وتصوم رمضان": فيه جواز رمضان من غير إضافة شهر إليه.

قوله: "الإحسان": هو إتقان العبادة.

قوله: "متى الساعة؟": أي متى تقوم الساعة؟

قوله: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل": أي أنَّ الخلق لا يعلمون متى تقوم، وأنَّ أيَّ سائل أو أي مسئول سواء في عدم العلم بها.

قوله: "إذا ولدت الأمة ربها": قيل: معناه اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرك وسبى ذراريهم. وقيل: أن تبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر ذلك فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها ولدها ولا يشعر بذلك.
وقيل: أن يكثر العقوق في الأولاد
فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الاهانة بالسب والضرب والاستخدام فأطلق عليه ربها مجازًا.

قوله: "تطاول": أي تفاخروا في تطويل البنيان وتكاثروا به.

قوله: "الإبل البُهم": الإبل السود.

المعنى الإجمالي:
يوضح هذا الحديث الشريف مراتب الدين،
وأنها ثلاثة مراتب،

أولها الإسلام
الذي يعنى الاستسلام والخضوع والانقياد لله ظاهرًا وباطنًا والتبرؤ من الشرك وأهله، وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم)
بأعمال الجوارح الظاهرة من القول والعمل،
فالإسلام شامل لجميع الواجبات الظاهرة، واقتصر على ذكر بعضها لأنها الأصل التي يبنى عليها،
ثانيها الإيمان
الذي هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، يزيد بالطاعات وينقص بالعصيان،
وفسره النبي (صلى الله عليه وسلم) بالاعتقادات الباطنة،
ثم المرتبة الثالثة والأخيرة وهي الإحسان قبتها وأعظمها، وهو أخص من الإيمان والإسلام ،
وقد أشار النبي (صلى الله عليه وسلم)

إلى أنه يشتمل على مقامين:

أحدهما: مقام المراقبة
وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه وإطلاعه عليه وقربه منه،
فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله؛
لأن استحضاره ذلك يمنعه من الإلتفات لغير الله.

الثاني: مقام المشاهدة
وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدته لله بقلبه
فيتنور القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان،
وهذا هو حقيقة الإحسان ويتفاوت أهله فيه بحسب بصائرهم.

والإحسان يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم،
ويوجب كذلك النصح في العبادة وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها وإكمالها.

وعرج على بعض المسائل الغيبية الخاصة بقيام الساعة والتي لا يعلمها إلا الله
بذكر بعض العلامات لها،
ليكون المسلم على استعداد لها، وخوف من وقوعها دون عمل.

ما يؤخذ من الحديث:

أن الإسلام والإيمان والإحسان تسمى جميعها دينًا.

2- جواز سؤال العالم ما لا يجهله السائل ليُعلم السامع.

3- أن السؤال الحسن والهادف يسمى علماً وتعليماً، حتى اشتهر قولهم: حسن السؤال نصف العلم.

4- أنه ينبغي على العالم أو المفتي أن لا يتحرج أن يقول: لا أعلم، إذا سئل عما يجهله أو لا يعرفه.

5- تأكد الإيمان باليوم الأخر وما يتعلق به من أمور غيبية لا يعلمها إلا الله.

6- مشروعية رفق العالم بالسائل وتقريبه منه ليتمكن من السؤال غير هائب ولا خائف.

7- أن المتسبب كالمباشر في باب الجنايات؛ حيث إن النبي (صلى الله عليه وسلم) جعل جبريل معلماً، لأنه الذي سأل وكان التعليم بسببه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اناس يقتلون فقد لانهم مسلمون

رسالة إلى المفتونين بالحضارة الغربية ‫#‏اﻟﺬﻛﺮﻯ_20ﻟﺤﺮﺏ_ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ_الصليبية‬ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻨﻬﺎ ﺍﻟﺼﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺍﻟﺒﻮﺳﻨﺔ.. ﻭﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻓﻴﻬﺎ 300 ﺃﻟﻒ ﻣﺴﻠﻢ .. ﻭ...